تأثير استدام تدريبات البليومترك على تحسين بعض المتغيرات الكينماتيكية والمستوى الرقمى للوثب الطويل
تحتل مسابقة الوثب الطويل مكانة بارزة بين مسابقات الميدان، حيث تمارس فى كافة المراحل السنية وتمثل فى المسابقات المركبة، وقد تبدو أنها أسهل سباقات الوثب، بينما يرى الباحث أنها أصعب السباقات التى يمكن أن يتقدم فيها المتسابق رقميا نظرا للتحديات التى يواجهها أثناء الأداء حيث يجب أن يقوم المتسابق فى لحظة الارتقاء بتحويل السرعة الأفقية لمركز الثقل الى سرعة عمودية بأقل فقد ممكن فى السرعة المكتسبة من الاقتراب.
وتتلخص المتطلبات الحركية لسباقات الوثب والقفز من الوجهة البيوميكانيكية فى الوصول الى معدلات عالية من السرعة عند بداية الطيران وذلك كمحصلة للسرعة الناتجة من الاقتراب، وكذلك القوة المحصلة الناتجة عن الارتقاء، وعلى أن يكون ارتفاع خط مسار مركز الثقل أثناء الطيران مناسبا لنوع الوثب. (7: 297)
ويوضح باليستيروس والفاريز (1991) أن جميع مسابقات الوثب تتمايز بثلاث عناصر أساسية وهى:
- سرعة الارتقاء التى ترتبط بالسرعة الخطية (العجلة التزايدية).
- زوايا الارتقاء التى ترتبط بالدفع العمودى (الارتقاء).
- مسار مركز ثقل الجسم التى ترتبط بخط مسار الجسم خلال مرحلة الطيران حيث يتأثر مسار مركز ثقل الجسم (وفقا لوضع الجسم أثناء الارتقاء) بالقوة المؤثرة الناتجة من الارتقاء. (1: 137)
وتعتبر مرحلة الارتقاء فى الوثب الطويل إحدى المراحل الفنية الأساسية وسهولة أدائه والتدريب عليه، إلا أنها تشكل إحدى الصعوبات على المتسابق على أساس أن الارتقاء هو المسئول تماما عن تغيير مسار مركز ثقل الجسم الناتج من قوة الارتقاء.
وطالما أن العبء الرئيسى فى أداء الوثب الطويل تقع على المجموعات العضلية العاملة على مفاصل الطرف السفلى والتى منها ينطلق المتسابق من الأرض لتحقيق مرحلة طيران تساعده عند أدائه للمهارة، فمن المنطلق أنه كلما زادت القدرة الانفجارية للرجلين كلما ساعد المتسابق على تحقيق أقصى ارتفاع عمودى لجسم المتسابق للارتقاء بمستوى الوثبة.
ويرى الكثير من العلماء والباحثين أن عملية تنمية القدرة الانفجارية يجب أن ترتبط ارتباطا وثيقا بعملية تنمية المهارات الحركية، وفى هذا الصدد يوضح طلحه حسام الدين (1994) أن اختيار وسيلة التدريب يتوقف على تشخيص وتوصيف الأداء المهارى توصيفا دقيقا يحدد دور القوة العضلية كمتغير بدنى أساسى فى هذا الداء وأسلوب تدريب القوة الخاصة بالأداء ينطلق من الخصائص الكينماتيكية للأداء المهارى كقاعدة أساسية لاختير وسيلة التدريب وبناء التمرينات المستخدمة سواء من حيث الشكل أو من حيث مقادير المقاومات وإيقاع الأداء وعدد مرات التكرار والى ذلك من مواصفات فنية لبناء التدريب التخصصى (5: 201). ويشير تيلز Tellez (1993) أن معظم الإنجازات الرقمية العالمية فى مسابقات الوثب حققت نتائج عالية عن طريق الاقتراب والارتقاء الناجح ولذلك فإن معظم برامج التدريب فى مسابقات الوثب يجب أن تستغل فى تطوير المسار الحركى الصحيح لمرحلتى الاقتراب والارتقاء مقارنة بما يستغل فى مرحلة الطيران. (22: 3988)
ونجد فى الآونة الأخيرة اتجاه تنمية القدرة الانفجارية للعضلات العاملة على مفاصل الطرف السفلى (الرجلين) وكذلك تحسين وتطوير مسافة الوثب العمودى لم يحظيا بقدر كبير من البحث وذلك من قبل الباحثين بالرغم من الأهمية التى تشكلها القدرة الانفجارية للعضلات العاملة على الطرف السفلى وكذلك تحسين وتطوير مسافة الوثب العمودى فى مختلف الأنشطة ومنها الوثب الطويل.
ويشير جامبيتا (1989) أن استخدام التدريب البليومترك فى مسابقات الوثب ليس من الأمور المبتكرة حديثا، ورغم ذلك فقد زاد الاهتمام به فى الآونة الأخيرة بعد أن أصبح جزءا هاما فى برامج الإعداد البدنى بهدف تنمية القدرة الانفجارية للرجلين وخاصة فى المسابقات التى تحتاج الى قدرة عضلية عالية مثل الوثب الطويل والثلاثى والعالى التى تتطلب مهاراتها السرعة مع القوة لتحقيق قدرة عالية للأداء. (14: 62)
ويوضح دونالد (1998)أن التدريب البليومترك أسلوب موجه بهدف تطوير القدرة الانفجارية للرجلين والغرض الأساسى من هذا السلوب من التدريب زيادة قدرة العضلة للانبساط وأثناء الانبساط يتم تخزين كمية كبيرة من الطاقة المطاطية فى العضلة وهذه الطاقة يعاد استخدامها أثناء الانقباض التالى وتجعله انقباضا أقوى (11: 3، 4)، ويؤكد طلحة حسام الدين وآخرون (1997) عن ويلسون Wilson أن التدريبات التى تعتمد على طاقة المطاطية وعمل المستقبلات الحسية المنعكسة تحقق أكبر فائدة لها بتقليل الفترة الزمنية بين الإطالة والتقصير حيث تم حساب هذه الفترة وكانت حوالى 0.85 مللى من الثانية كما أن الطاقة المختزنة فى العضلات نتيجة الإطالة تخرج بمعدلات سريعة خلال مرحلة الانقباض التقصيرى وتشارك فى اللحظات العشر الأولى من الثانية. (6: 42،43)
ويذكر شاركى Sharkay (1990) أن أحد أسرار نجاح هذا التدريب ترجع الى حقيقة فسيولوجية تتلخص فى أن العضلة تعطى أكبر قوة اذا أمكن مطها (إطالتها) قبل الانقباض مباشرة مما يؤدى الى تحسين ميكانيزم الانعكاس ويزيد فى الاسترخاء ويعمل على تخزين طاقة كبيرة تزيد من كفاءة الانقباض وسرعته. (20: 82)
ويضيف سليمان حسن وعواطف لبيب (1978) أن نظام الطاقة المختزنة أو طاقة الوضع عالية التوتر ينتج عنها سرعة انتقال العضلات من النشاط السلبى الى النشاط الايجابى اللازم لمسابقات الوثب (4: 94،95). ويوضح هينسون (1996) أن التدريب البليومترك ما هو إلا أسلوب يساعد اللاعب على المطابقة بين الانقباض الإرادي الناتج من العضلات والانقباض اللاإرادي الناتج من رد فعل الإطالة ويكون وظيفته حماية العضلات من الإطالة الزائدة فى توقيت متزامن، حيث أن تزامن إشارات الانقباض الإرادي واللاإرادي سوف يساعد على انقباض أكثر قوة ويتطلب رد فعل الإطالة 0.05 من الثانية لتصل الإشارة ويحدث الانقباض العضلى ولذلك استخدمت التدريبات البليومترية لتحسين القدرة الانفجارية والوثب والمهارة وهى تشمل الوثب العميق والارتدادات، وأظهرت نتائج عالية فى تحسين مسافة الوثب والعدو، وما يؤكد ذلك العداء السوفيتى بررزوف Barzov وفوزه بالميدالية الذهبية لسباق 100 متر عدو، وفى الوثب العالى لمتسابق بروميل Brumal بالميدالية الذهبية أيضا وذلك بفضل هذا الأسلوب من التدريب لتنمية القوة الانفجارية للرجلين. (16: 35، 36)
ويتضح مما سبق أن استخدام التدريب البليومترك يعتبر عاملا فعالا فى مسابقة الوثب الطويل التى يتطلب أدائها العمل على دمج أقصى قوة للعضلات مع أقصى سرعة للأداء لتحقيق درجة عالية من صفة القدرة فى الأداء خاصة إذا ما كانت القدرة الانفجارية للرجلين هى إحدى الصفات المطلوب تنميتها.
ومن خلال خبرة الباحث لاحظ أن مرحلتى الارتقاء والطيران يخصص لها الوقت الكافى ضمن برامج التدريب للناشئين بالإضافة لإغفال بعض المدربين للتدريبات المرتبطة بالجانب البدنى المساهم فى الارتقاء بمستواها، لذا فإنه يمكن تلخيص مشكلة البحث فى كونها محاولة علمية موجهة نحو دراسة تأثير برنامج تدريبى مقترح لتنمية القدرة الانفجارية للرجلين باستخدام تمرينات البليومترك على مسار الطيران فى مسابقة الوثب الطويل.
عدل سابقا من قبل MaHмֵРفي الإثنين 14 سبتمبر - 9:20 عدل 1 مرات